اشتهرت بمعركتها التاريخية ( أم الغزلان ) ضد أزلام النظام البائد من البعثيين ، عندما انتفض أهلها بتاريخ 27/ 3 / 1997 لمواجهة الحملة المدججة بمختلف أنواع الأسلحة التي أتت في ذلك اليوم لتفتك بهم ، واستطاعوا من إفشالها ، وقتل أكثر من 80 بعثيا منهم قياديين كبار ، وجرح العشرات غيرهم ، لتعاني بسبب ذلك الأمرين من قبل النظام البائد ، فقد دمرت قراها ، وحوصرت ، وجففت اهوارها ، وتعرض أهلها للاعتقالات والإعدامات العشوائية والتهجير ، انتقاما وتشفيا ، من مواقفها المتحدية لطغيان صدام ونظامه ، وإيوائها للمجاهدين الذين كانوا يتخذون من مناطق الاهوار مقرات لهم و منطلقا لعملياتهم .
الاعمار في الدواية :
ناحية الدواية تحاول اليوم أن تنفض عنها غبار الإهمال والتهميش ، والسير بخطى واثقة نحو إعادة البناء والاعمار ، بعد قساوة الزمن الصعب الذي صارعه أبناؤها بصبر عجيب ، ولنتعرف على ما أنجز من مشاريع فيها ، توجهنا إلى مجلسها البلدي ، والتقينا بالسيد حميد حسن صيهود ، رئيس المجلس ، الذي رحب ، هو وزملاؤه أعضاء المجلس ، بنا اشد الترحيب ، وتحدث عن واقع الناحية على الصعد والقطاعات المختلفة ، والطموح الذي يتطلعون إليه بشأنها ، كما قام بتقديم كشف خاص للمشاريع المنفذة في ناحية الدواية حتى الآن ، بدءا من عام 2007 بشكل رئيس ، متضمنا أكثر من مائة ألف مشروعا ، بكلفة إجمالية تبلغ ( 39 مليار دينار عراقي ) توزعت على نحو مشاريع بكلفة ( 11 مليار دينار ) في عام 2007 ، و ( 28 مليار دينار ) في عام 2008 .
وقد شملت ( 13 ) مشروعا لماء الشرب في مركز الناحية وعدد من القرى التابعة لها ، عبارة عن شبكات و مجمعات مياه ، ومد خطوط ناقلة .
و بناء ( 14 ) مدرسة ، وتأهيل وترميم ست مدارس أخرى .
وبناء وتأهيل ست بنايات حكومية مختلفة .
أما في قطاع الاتصالات ، فقد تم بناء دائرة اتصالات وبريد ، وإنشاء شبكة هاتفية ، وإنشاء بدالة سعة 1500 خط .
وفي القطاع الصحي ، تم بناء ثلاثة مراكز صحية في مركز الناحية وقريتي أبو الرويش وأم الغزلان ، وتأهيل مركز صحي في قرية آل نايف .
وفي قطاع الكهرباء ، تم انجاز بناية دائرة الكهرباء ، وإنشاء سبع شبكات في قرى ومركز الناحية ، وتزويدها بالمحولات .
وفي القطاعات الخدمية الأخرى أيضا ، تم إنشاء شبكات و بناء وتأهيل محطة للمجاري في مركز الناحية .
وأيضا تبليط طريق ( الدواية – آل نايف ) بطول ( 28 كم ) ، وتبليط طريق ( الدواية – النصر ) بطول ( 24 كم ) ، إضافة إلى إنشاء وتبليط تسعة شوارع في مركز الناحية مع أرصفة ومجاري ، فضلا عن إنشاء ( 74 كم ) من الطرق الترابية المفروشة بالسبيس في عدة قرى ، كما انشات سبعة جسور للسيارات ، وأربعة أخرى للمشاة ، وإنشاء مراب للنقل في مركز الناحية ، وكذلك تم إنشاء كورنيش في مركز الناحية ، وثلاثة متنزهات ، وساحة رياضية .
أما على صعيد الاستصلاح والري فقد انشات نواظم متفرقة ، ثلاثة منها صندوقية ، وأيضا تأهيل محطة بزل حطامان ، وتجهيزها بثلاث مضخات ديزل ومولد كهرباء ، كما شملت استصلاح الطوز في قرية آل عمر .
وبخصوص الخطة الجديدة التي رفعت إلى محافظة ذي قار من قبل المجلس البلدي في ناحية الدواية ، فقد تضمنت أكثر من عشرين مشروعا بكلفة تخمينية إجمالية مقدارها ( 18مليار و 750 ألف دينار عراقي ) تمت الموافقة والتنفيذ حاليا على بناية المحكمة ، وتجهيز ونصب وحدة ماء سعة ( 50 ) غالونا في قرية آل معيوف ، إضافة إلى تنفيذ شبكات مائية وخطوط ناقلة في مناطق متفرقة ، فضلا عن مشروع التنظيفات في الناحية بكلفة ( 350 مليون دينار عراقي )
الدواية كادت أن تمحى من الخارطة ، زمن النظام البائد ! :
وقد أكد السيد رئيس المجلس البلدي ، حميد حسن صيهود ، أن ما تم انجازه هو 99% من الممكن فقد عمل بجهود مضنية ، هو وزملاؤه منذ تشكيل المجلس البلدي في 20/10/2003 بعد انتخابهم من قبل أهالي الدواية ، يشاركهم السيد مدير الناحية ، على وضع خطط مدروسة ودقيقة ومهنية ، بغية إعادة ما أمكن من البناء والاعمار في الناحية ، وقد تمخضت تلك الجهود عن نجاحهم في نيل الناحية المرتبة الاولى في تنفيذ المشاريع في الاستفتاء العام ، ومرد هذا يعود إلى الروح الأخوية والشعور العالي بالمسؤولية والمواطنة التي يتحلى بها أعضاء المجلس البلدي في ناحية الدواية .
إلاّ أن تلك الانجازات لا تمثل سوى 25% من الطموح ، والكلام لرئيس المجلس البلدي ، فقد عانت ناحية الدواية أبشع الاضطهاد والتضييق في عهد النظام البائد ، وأهملت بالكامل ، وأعدمت اهوارها وجففت واندثرت الحياة فيها ، وتعرضت للقصف المستمر ، والحملات العسكرية ، وأوقفت مشاريع الاستصلاح الزراعي في قرى الناحية ، وهجرها الكثير من سكانها ، ومحت قرى كثيرة من الوجود .
ويضيف : لقد عانت الدواية ، واجتمعت عليها كل الظروف القاسية ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، ووجهت حملات التشويه و التسقيط المخابراتية والإعلامية والدعائية ، البعثية ، ضد عشائرها وأبنائها ، وهي منذ ذلك الوقت وحتى التغيير ، لم يتسنم أي واحد من أبنائها مسؤولية إدارية مهمة في المحافظة ، أو أن يكون لهم ممثل في مجلسها ، وهو إجحاف بحق أهلها .
ويتابع : وهي لا زالت تفتقر إلى دوائر خدمية أخرى ، ومدارس بعدد كاف ، ومستشفى ، وقاعة نشاطات شبابية ، إضافة إلى مجزرة نموذجية ، ومكتبة عامة واسعة ، وهذه كلها مرافق مهمة وضرورية .
ويشير إلى أن الناحية بحاجة إلى مشاريع زراعية واستثمارية ، خصوصا وان تربتها مهيأة للزراعة بيد إنها تتطلب استصلاحا ، علما إنها تروى من نهر الغراف ، من ناظم البدعة ، فجل نشاط سكانها الاقتصادي يعتمد على الزراعة وتربية الحيوانات والصيد ، وقد كانت الدواية في تسعينات القرن الماضي ، المنطقة الثانية في العراق في تصدير الطماطة جيدة النوعية ، بعد قضاء الزبير .
وأوضح حميد حسن صيهود إلى أن عدد القرى التابعة لناحية الدواية 100 قرية تعاني اغلبها من شحة المياه ، وشظف العيش ، وضآلة الخدمات ، ولم يتم تنفيذ سوى 4 مجمعات ماء فيها منذ 6 سنوات ،و الاهوار قد شحت المياه فيها .
ويشير إلى أن للدواية مقومات للتطور عديدة ، فمناطق الاهوار فيها ممكن استثمارها كمناطق سياحية ، لو أُهلت وجهزت بالمرافق التي من شانها أن تجذب السواح ، خاصة وانه يقع بالقرب منها 50 موقعا اثريا ، أهمها ما يعود إلى حضارة ( لكش ) في منطقة ( الهبا ) في الدواية ، وقد نقبت فيها بعثات أجنبية منذ أعوام سابقة بعيدة ، فضلا عن مؤهلاتها الزراعية كما أسلفنا .
ونوه على وجود مشاكل فنية عرقلت خطط الإسراع بتنفيذ المشاريع الطموحة ، فقد كانت مشاريع ناحية الدواية ضمن خطة تنمية الاهوار ، ثم أخرجت من تلك الخطة ، والآن شملت مرة أخرى بخطة تنمية الاهوار ، وهو ما نراه في مصلحتها .
الاستقرار .. والأمن .. يسودانها :
وعرج رئيس المجلس البلدي في الدواية إلى الوضع الأمني ، واصفا إياه بالمستقر ، وذكر أن هذا الاستقرار حدث بعد جهود كبيرة ، وخاصة بعد تنفيذ خطة فرض القانون العام الماضي ، وقد تدخل هو شخصيا ، وتعرض للمخاطر ، وتحمل المسؤولية بصبر وأناة ، لأجل احتواء الأزمة الأمنية التي حدثت في الناحية ، والتي كانت جزءا من تطور الأحداث في عموم المنطقة ، دون أن يُقتل أو يُجرح أي شخص بسبب تلك الأحداث في الناحية ولله الحمد .
أهالي الدواية يطالبون باستحقاقاتها ، وبذل المزيد من الاهتمام :
بعد مغادرتنا للمجلس البلدي ، الذي أفادنا السادة رئيسه وأعضائه مشكورون ، بمعلومات مفصلة ومفيدة عن الناحية ومشاريعها ، التقينا بأهالي الدواية ، الذين لمسنا منهم الطيبة وكرم الخلق ، واستمعنا منهم لآرائهم عن الواقع الخدمي والعمراني فيها ، فعبروا بدورهم عن ارتياحهم لما يشعرون به من اهتمام وواقع خدمي ، معربين عن سرورهم وامتنانهم لحكومتهم المحلية ، بيد إنهم طالبوا الجهات المسؤولة في المحافظة أو الجهات المعنية في الحكومة المركزية وفي الوزارات بتقديم المزيد لهذه الناحية التي همشت وظلمت لسنوات عدة ، ودفعت ثمن مقارعتها لنظام الطاغية المقبور.
وطالبوا أيضا معالجة مشاكل البطالة بشكل خاص والفقر والعوز ، الذي تعاني منه شرائح واسعة في الناحية ، من خلال الاهتمام بشبكة الرعاية الاجتماعية ، بزيادة أعداد أبناء الدواية فيها ، وزيادة مخصصاتها ، أو من خلال إقامة المشاريع التي من شانها تشغيل الأيدي العاملة وخصوصا في القرى التي تعاني من شحة المياه وقلة الخدمات ، والاهتمام أيضا بالاهوار ، والالتفات إلى الآثار التي تعتبر كنوزا مهمة في هذه البقعة من الأرض .
حكايات اجتماعية :
برزت في ناحية الدواية شخصيات اجتماعية وذاع صيتها خارج الناحية لما تمتعت به من صفات الكرم والشجاعة والمواقف الحكيمة ، و لازال أهالي الدواية يذكرون بفخر تلك الأسماء ويتحدثون عن قصصهم .
ومنهم الشيخ ( محمد آل حسين ) الذي ذكر كرمه الكتاب والباحثون ، فقد كان هذا الرجل ، في أيام المجاعة التي مرت على العراق أواخر القرن التاسع عشر ، التي سماها الناس في الجنوب سنة ( لوعة ) لشدتها ، يطعم الناس والجائعين الذين كانوا يلوذون به ، رجالا ونساءا وأطفالا ، حتى انه كان يأمر بإطفاء الإنارة في الليل ، حتى لا يخجل احد من هؤلاء أن يأخذ معه ما يشاء من الطعام ، ويذكر أن النساء اللواتي كن يقمن بعمل الخبز ليلا ونهارا ، كن يشعرن بالتعب والملل بسبب زخم العمل الشديد لكثرة الناس الجائعين ، فأصبحن يهملن عملهن ، فقام ( محمد آل حسين ) يتفحص بنفسه خبز ( الطابك ، وهو نوع من أنواع الخبز الذي عرفته قرى الجنوب في ذلك الوقت ) ويقيس مدى سمك الرغيف ، خشية من قلته ، فلقب بـ ( أبو خلال ) لشدة كرمه .
وكذلك برز الشيخ ( نايف آل مشاي ) المعروف بـ ( أبو المكوار ) لشجاعته وعدالته ، وأيضا ( مطلك آل محمد ) ، و ( ثامر آل حمود ) ، و ( نهير آل صكبان ) ، و ( الحاج فرحان ) ، و ( محسن آل عبد ) ، وغيرهم من الرجال الذين احتفظت ذاكرة أبناء الدواية بسيرتهم الحميدة وصفاتهم العربية الأصيلة وشجاعتهم ومواقفهم الرجولية وكرمهم .
هذه هي ناحية الدواية ، التي تحمل آلام جراح الماضي ، وتعمل دؤوبة لنفض غباره الكئيب ، وتتطلع إلى مستقبل بعيون متفائلة ، لان فيها من المقومات البشرية والاقتصادية والبيئية ، ما قد يجعلها في مصاف المدن الكبيرة فيما لو نالت الاهتمام الجاد الاستثنائي والخاص من قبل الحكومتين المركزية في المحافظة والاتحادية في بغداد .
البلاغ